الجمعة، 16 ديسمبر 2016

الخطاب الشعري الحداثوي والصورة الفنية (الحداثة وتحليل النص) عبد الإله الصائغ

الطبعة الأولى,1999
الناشر: المركز الثقافي العربي


تقديم : الطالب محمود عبدالله السنوسى
السداسي الخامس
قسم اللغة العربية وآدابها 
الرقم 258

يحتوي الكتاب على مقدمة فتمهيدين ثم بابين يضم الأول منهما خمسة فصول بينما يضم الباب الثاني أربعة فصول وفيما يلي توضيح ذلك.
 لقد ابتدأ المؤلف كتابه,بمقدمة عن الحساسية الجمالية فذكر فيها أن الحساسية الشعرية تأخذ مساحة واسعة من جهد محلل النص واجتهاده بوصفها البديل العتيد لمقولة الذائقة الجمالية وبهذا الحيث تكون الدراسة المنكفئة عن تداول هاتين المقولتين  قصية جدا عن جادة الهم الذى يشغل الشارع الإبداعى وحلمه إلى أن يقول: لقدحاول معظم الدارسين والمشتغلين على تحليل النص مصادرة وعى المتلقى وحقه فى إعادة إنتاج النص وحق المبدع فى اجتراحه (شعريته) الخاصة! فخسر المتلقي مصداقية الناقد وخسر المبدع كم التلقي ونوعه وانصرف محلل النص عن همه المركزي (تحليل النص) إلى هم تنطعي احتفالي وهو التنظير والمقاضاة ومعالجة دوائر معرفية لا تمس اختصاصه أو استعداده.
ثم تنتهي هذه المقدمة على تمهيدين تكفلا برأب الصدع المعرفي والأيديولوجي في جسم المشروع فجاء التمهيد الأول مطارحات فى الحداثة والقدامة وتأصيلا لمفهوميهما فاضطر إلى البحث فى مسيرة الادب التاريخية لاقتناص الإشارات والأدلة التى تعضد القول إن المبدع العربى الأصالوي منحاز بكليته في كل عصر إلى مشروع التجديد والتحديث لتتضح تفاهة القول بأن الحداثة حالة مستوردة من وراء البحار فعاين بحكم هذا الهم الإشارات المهمة وكانت البداية منذ سموط امرئ القيس ومحاولة أصدقائه من الصعاليك المغيبين فى الإرتياز على البحور السلسة بالشطر أوالنهك أوالجزء ...مرورا بأوزان المولدين والموشحات والأزجال والبند وصولا إلى نصوص رواد الحداثة الشعرية مطلع القرن العشرين ومنتصفه !!وتناول التمهيد الثانى مأزقنا الحضارى قبالة الإبداع والإتباع فيقول فيه:وقدتعين علينا نقد الذهنية المعرفية لصناع القرارالحضارى وتسليط الضوء على وهم السدانة الذى استثمره أجلاف الشارع الثقافي مدعين امتلاكهم الأكيد للحقيقة .
ثم يوصلنا هذ التمهيد إلى الباب الأول الذى يضم خمسة  فصول , فتناول فى الفصل الأول( الصورة فى نص الحلم )آليات الحلم والنص معا وهل يستطيع الدارس إغفال دور الحلم فى صناعة نص صاف مفعم بشعرية عالية ؟بعدها يمثل الفصل الثانى ( الصورة فى حداثة النص)ليغدق على الصورة حساسية النص الحداثوي الصورة والنص حالتان تطلعان فى أرومة واحدة وهكذا يطل علينا الفصل الثالث (الصورة فى سياق النص) ليضع الصورة فى حاضنة النص ! أما الفصل الرابع   ( الصورة فى مغانى الطفولة )فهولثغة بحثية !!عن الجنة المفقودة التى طرد منها الشاعر فى غفلة منه ومنها فلبث الشجى يلون حنينه وأحلا مه ولم ينحدر هذا الفصل إلى مأزق الطفولة العمرية لأن المقصود أساسا هوعامل البراءة والنقاء والبكارة وهكذا يبدأ الفصل الخامس (الصورة فى مباهج الرؤية) المتكفل بإيضاح الهم المركزي للمشروع  الذى يؤسس البهجة سبيلا مهما لتسويغ النص ومفتاحا سحريا من مفاتيح شعريته ولم نرم بتلك البهجة الحسية الرمادية الصماء فتلك ليست عينة مجهرنا وإنما شغلنا فى البهجة ذلك الألق الصوفى الذى يستفز الروح بالإبتكار والمفارقة وهكذا ينهى الباب الأول مهمته لتبدأ مهمة الباب الثانى الذى نهض على أربعة فصول,تتصل بجدل الشعرية والصورة ويمثل الفصل الأول من هذا الباب (شعرية الصورة وإيقاعات تداعى الحروف ) شركة بين القاعدة والشاهد فحلل فيه ظاهرة إيقاعية جمالية , كما اشتغل الفصل الثانى على على شعرية الصورة الحداثوية وطبق مسباره على نصوص ستة وستين شاعرا ليبيا منتقاة من خلال الفجوة بين الواقع والمثال والمكر الفنى والوجد الصوفى والطفولة والتجسيم والتجسيد والتراسل والاستعارة المكنية والاستعارة التصريحية والكناية ثم انصرف  الفصل الثالث لدراسة شعرية الصورة الإستعارية وكان ميدان البحث عددا من النصوص العراقية المنتقاة منهجيا لشعراء لم يجمعهم جامع العمر أو المدرسة أوالطبقة بل كان جامعهم رغبة خبيئة فى التحديث تجلت فى نصوص واختفت فى أخرى !! أما الاالفصل الأخيرفقد ركب الجرأة سفينا لمقاربة شعرية الاغتراب فى الشعر الشعبي وتلبث عند نصوص الهرم الشعري الشعبى كما يقول جاك بيرك وهوالحاج زاير ونصوص هذا المبدع الكبير هيأته لريادة الشعر الشعبى دون منازع لضرب من الشعر اللهجوى المسكوب على القوالب ودزاينات الأبوذية والزهيرى والمواليا والدارمى والميمرا... وما الضير ونحن نفكر بالعامية ونحلم بالعامية ونتخاصم بها ونعشق من خلالها... فنحن إذن نترجم شرارة الشعرية من لغة إلى لغة حتى تنطفئ أوتخبو وهذا هوتأويلنا للشعرية والخطاب الشعبى الذي يمتلكه حلم التماثل مع الفصيح, ولدينا أمثلة مهمة على استبداد هذا الحلم بعدد من رموز الشعر الشعبى نذكر:مظفر النواب وشاكر السماوي وعزيز السماوي وعريان السيد وخلف وإسماعيل الكاطع وكزار حنتوش !هؤلاء وسواهم حولوا صور الشعر الشعبى الحميمة إلى نصوصهم الحداثوية وكانت نصوصهم العذبة ضمن مقولة النص الغائب فى تناصات الشعر الحداثوى الفصيح !!لقد جهد هذا الفصل فى تأصيل ظاهرة الإغتراب فى وعي المبدع العربي قبل تحليل نصوص الحاج زاير  وخطوة فخطوة حتى تذوق فاكهة الكتاب فى فى سلال الخاتمة.
أهم مضامين الكتاب:
يمكن أن نقول إن كتاب عبد الإله الصائغ  تضمن محورين رئيسيين هما:
-المحور الأول: إشكالية الأصالة والمعاصرة التي لم يسلم من جحيمها الشاعر ولا الناقد ولا حتى القارئ العربي  البسيط مبينا أن هذه الجدلية صاحبت الذهن العربي منذ زمن سحيق, مستدلا على ذلك بما جرى بين الشاعر الشاب طرفة والشيخ العجوز المتلمس حين أخبره بأن الجمل قد استنوق على لسانه فأسرها في نفسه ولم يبدها له حتى أجل غير مسمى. مرورا بجيل المولدين وأبى تمام والمتنبي وغيرهم ممن رص لبنة في جدار الشعر العربي  العتيق وهكذا حتى مطلع القرن العشرين ومنتصفه مع بدر شاكر السياب ونازك الملائكة من بلاد الرافدين وصلاح عبد الصبور وغيره من البلدان العربية الأخرى المنتثرة على أديم الأرض. فأكلت هذه الإشكالية ما يناهز خمسة وخمسين صفحة من صفحات هذا الكتاب وهو قدر لا يستهان به.
-المحور الثاني :تناول فيه الصورة الفنية فقسمها إلى عدة صور متنقلا بين صورة فى حلم النص وصورة فى حداثته وصورة فى سياقه وهلم جرا فى وصف الصور وأشكالها المختلفة باختلاف النصوص مستعينا على ذلك بالتطبيق على نصوص ليبية وعراقية لشعراء معاصرين نهلوا من معين الحداثة وشاهدوا الواقع العربي المعاصر وعايشوه فاكتووا بناره أو سعدوا بجنته المأمولة فى الحلم الغائب  وهكذا تم تحليل صاحبنا {عبد الإله الصائغ} للنصوص على ضوء الحداثة فجاء بكثير وربما أعوزه الكثير لكنه على كل حال أضاف شيئا جديدا أونبه إليه من قريب  المشتغلين فى هذا المجال{النقد العربي الحديث}.    

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق