![]() |
خطة البحث:
مقدمة
المبحث
الأول :مفهوم الدلالة (تعريفها لغة واصطلاحا)
المبحث الثاني :نشأة الدلالة عند العرب
المبحث الثالث :دراسات دلالية عند علماء العرب قديما
المراجع والمصادر
الخاتمة
مقدمة
بداية لابد
من التأكيد على أن الدراسات الغوية العلمية قديما ارتبطت في اغلبها بديانات الأم
والشعوب ,والعرب لم يشذوا عن هذه القاعدة حيث ارتبطت الدراسات اللغوية العربية ارتباطا
وثيقا بالقرآن الكريم لم حواه من إعجاز بديعي وأسرار كثيرة أذهلت العرب ,وتحدت
قدرتهم اللغوية وبراعتهم البلاغية على أن يأتوا بمثله ,فقد جاءهم القرآن الكريم
بمفاهيم ومثل وقيم ومعاني وألفاظ ومصطلحات جيدة,تختلف عن سابقاتها في الجاهلية
,مما أثار فيهم نشاطا فكريا لم يعهد له مثيل من قبل ,ما كان له الأثر البالغ في تطور
الحياة الفكرية .
المبحث الأول :مفهوم الدلالة (تعريفها لغة واصطلاحا)
الدلالة في
اللغة تنحدر من جذر (دلل)وله أصلان كما يقول بن فارس[1]
أحدهما إبانة الشيء بأمارة تتعلمها
,والآخر اضطراب في الشيء كأن نقول فالأول :دللت
فلانا على الطريق ,والدليل الأمارة في الشيء وهو بنت الدلالة ( الكسر
والفتح ) والأصل الآخر قولهم :تدلدل الشيء
إذا اضطرب .
-ومن
الشواهد على معنى الإرشاد و الهداية والإبانة قوله تعالى ياأها الذين آمنوا هل
أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم [2]
أما
الدلالة اصطلاحا :في اصطلاح علماء اللغة هي :ما يمكن أن يستدل به وهي بخلاف الاستدلال لأنه طلب الشيء من جهة
غيره ,فالاستدلال فعل المستدل [3]
,وجاء في تعريفات الدلالة هي كون الشيء بحالة يلزم من العلم به العلم بشيء آخر
,والشيء الأول الدال والثاني المدلول [4]
,ويتضح من خلال هذا التعريف أن المعنى الاصطلاح في الدلالة قريب جدا من المعنى
اللغوي ,من حيث كون العلم بشيء ما موصولا
إلى العلم بشيء آخر ,و دلالة اللفظ على المعنى باصطلاح علماء الأصول تنحصر في
ثلاثة أوجه هي المطابقة والتضمن و الالتزام ,فإن لفظ البيت يدل على معنى البيت
بالمطابقة ويدل على السقف وحده بطريق التضمن لأن البيت يتضمن السقف ,أما طريق
الالتزام فهو دلالة لفظ السقف على الحائط فإنه غير موضوع للحائط وضع لفظ
"الحائط"حتى يكون مطابقا ولا متضمن إذ ليس الحائط جزءا من السقف كما كان
السقف جزءا من نفس البيت لكنه كالرفيق الملازم الخارج عن ذات السقف الذي لا ينفك
السقف عنه .
المبحث الثاني :نشأة الدلالة عند العرب
أهتم علماء
العرب قديما بالدلالة لأن لغتهم تمتاز بالثراء الواسع و التصرف المعنوي العريض فكل
لفظ في اللغة العربية له احاءات كثيرة ويستعمل في التراكيب المختلفة بمعاني تتفاوت
بتفاوت العبارات أصف إلى ذلك ما تحويه من كلمات التي تؤدي عدة معان تبعا لعدد
القبائل الناطقة بها .
مرت
الألفاظ العربية بتطورات عديدة وقد سلكت الطريق الطبيعي لتصور اللغة والدلالات
,فانتقلت من المحسوس إلى المعقول و عبرت عن مظاهر الحياة العربية في شتى صورها[5]
حيث أجمع الباحثون في نشأة علم الدلالة على أنها بدأت بالمحسوسات ثم تطورت إلى
الدلالات المجردة بتطور العقل الإنساني
ورقيه[6],فالمجتمع
العربي في قومه الأصيل كان مجتمع رحلة ومرعى والكلمات التي تدل على معنى الجماعات
في لسان العرب قلما تخلو من الإشارة إلى الرحلة والرعاية .
بما أن
علماء المسلمين ورثوا التراث اليوناني والروماني والهندي والفارسي فقد تولدت
العلوم والمعارف غير العقدية عندهم متأثرة بهذا التراث الموروث الذي كان التفسير
الدلالي فيه مرتبطا بنشأة اللغة الإنسانية التي كانت تدور حول نظريتين وهما :
-نظرية
التوقيف ونظرية المواضع واصطلاح الفيلسوف ولهذا جاءت البحوث في دلالة الألفاظ
تتركز حول هاتين النظريتين ويرى ابن سينا أن المدلولات في العالم الخارجي في التجريدات الذهنية ,واحدة في كل العالم ,أما الوسائل
والرموز اللغوية فمختلفة قال أما دلالة ما
في النفس على الأمور فدلالة طبيعية لا اختلاف فيها بين الدال والمدلول عليه ,كما
في الدلالة بين اللفظ والمعنى ,فإن المدلول عليه وإن كان غير مختلف فإن الدال
مختلف,كما في الدلالة بين اللفظ والكناية ,فإن الدال والمدلول عليه جميعا قد
يختلفان .
وما ذكرته
سلفا من أن علماء المسلمين القدامى كانوا يربطون الدراسة الدلالية بنشأة اللغة
يتضح فيما أورده الرازي مما يعد تلخيصا لهذه الآراء ويتمثل ما قاله في أن الألفاظ
إما أن تدل على المعاني بذواتها أو بوضع الناس –أو يكون بوضع الله والباقي بوضع الناس
والرأي الأول الذي ذكره الرازي .
وهو دلالة
الألفاظ بذاتها على المعاني على رأس من قال به عبادة الصميري ومعناه أن هناك علاقة طبيعية بين الألفاظ
والمعاني قال عبادة :إن بين اللفظ ومدلوله
مناسبة طبيعية حاملة للواضع أن يضع[7]
.
قال في
المزهر للسيوطي:و إلا كان تخصيص الاسم بالمسمى ترجيحا من غير مرجح وكان بعض ممن يرى رأيه يقول :إنه يعرف مناسبة
الألفاظ لمعانيها فسئل ما مسمى " إدغاغ " وهو بالفارسية "الحجر"قال أجد فيه يبسا
شديدا وأراه الحجر .[8]
ثم انتقل
للحديث عن بغض الآراء في جوانب دلالية أخرى في التراث الإسلامي ,وفي مقدمتها جهود
علماء اللغة العرب في دراسة الدلالة ومال هذا العلم من ارتباط وثيق بدراسة الألفاظ
القرآنية وما ذكر الجاحظ من أن المعاني مطروحة على الطريق والنظريات العربية
الدائرة حول علاقة اللفظ والمعنى .
المبحث الثالث :دراسات دلالية عند علماء العرب قديما
كان البحث
في الدلالة من أهم ما ألف فيه اللغويين العرب وأثار اهتمامهم ,وتعد الأعمال
اللغوية المبكرة عند العرب من مباحث علم الدلالة مثل تسجيل معاني الغريب في القرآن
الكريم ,ومثل الحديث عن مجاز القرآن ,ومثل التأليف في الوجوه والنظائر في القرآن
مثل إنتاج المعاجم الموضوعية ومعاجم الألفاظ ,وحتى ضبط المصحف بالشكل يعد في
حقيقته عملا دلاليا لأن تغير الضبط يؤدي إلى تغير وظيفة الكلمة وبالتالي إلى تغير
المعنى ,ولعلنا في هذا المقام يكفينا التمثيل بسبب وضع النحو حين لحن قارئ في آية
قرآنية وقرأ:"أن الله برئ من المشركين ورسوله"- بجر رسول –بدلا من ضمها ,مما أدى إلى أن يبرأ الله من رسوله بدلا من أن
يكون الرسول هو البريء من المشركين.
قد يكون
أقدم حديث عن الدلالة في اللغة العربية هو ما جاء في كتاب سيبويه عند حديثه عن تقسيم الكلام إلى :اسم وفعل
وحرف قال اعلم أن من كلامهم –يعني العرب –اختلاف
اللفظين لاختلاف المعنيين واختلاف اللفظين والمعنى واحد اتفاق اللفظين واختلاف
المعنيين[9] ,وبعد سيبويه تطور الدراسة الدلالية وتنوعت حيث
شملت جوانب مختلفة من فروع اللغة العربية فهذا ابن جني يعقد أبوابا عدة في كتابه
الخصائص يدرس فيها عدة موضوعات دلالية منها:
1-أنه قسم الدلالة إلى ثلاثة أقسام [10]
-الدلالة
اللفظية –والصناعية –المعنوية
-وقسم هذه
الدلالة على ثلاثة مرات بحسب القوة والضعف أقواهن الدلالة اللفظية ثم تليها
الصناعية ثم المعنوية
2-دراسة
المستوى الصوتي دراسة وافية من خلال حديثه عما سماه الاشتقاق الأكبر ,وحديثه عن دلالة
الحركات ومن خلال عرض السيوطي لآراء
العلماء في نشأة اللغة وانتهى في تلخيص آرائهم إلى تقسيم الدلالة إلى
- دلالة
ذاتية :وهي المستفادة من الألفاظ وتدخل ضمن الدلالة الصوتية .
- دلالة
الوضعية :وتعني أن بعض الألفاظ والمعاني من وضع الله تعالى ,والبعض آخر من وضع
البشر
- دلالة اصطلاحية عرفية :وتعني أن دلالة الألفاظ
على المعاني جاءت بالمواضع والاصطلاح من البشر .
وقسم
الجاحظ الدلالة تحت ما سماه باب البيان إلى:[11]
- دلالة لفظية
- دلالة الإشارة
- دلالة
الخط
- دلالة
العقدة :والحساب يقصد بالأخيرة العد بالأصابع
وقسم ابن
القيم لجوزي دلالة النصوص إلى قسمين قال :دلالة النصوص نوعان حقيقة تابعة لقص
المتكلم وإرادته وهذا دلالة لا يختلف والإضافية تابعة لفهم السامع وإدراك وجودة
فكرة وقريحته و إضاءة ذهنية ومعرفة
بالألفاظ ومراميها وهذه الدلالة تختلف اختلافا متباينا بحسب تباين الساعين في ذلك [12]
الخاتمة
وخلاصة
القول في البحث أن علم الدلالة علم قديم بالقوة حديث بالفعل أي أنه قديم المادة
الموضوع حديث الرؤية والمنهج فإذا كان موضوع علم الدلالة هو دراسة معاني اللغة
والعلاقة بين الدالها والمدلولها ,فاللغة
قديمة قدم الإنسانية ولعل هذه المقولة تختلف مع قول علماء اللغة القائلين أن علم
الدلالة من ابتكار علماء العصر الحديث دون
إعطاء نيالة لمن فكر في دلالة الألفاظ من
العلماء القدامى .
الهوامش :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق